انجذاب المرايا !!!

عبير فارس 31 ديسمبر, 2011 17

بقلم / عبير فارس

بينما كنت ُ أمارس عملي الليلي في مختبر إحدى المستشفيات وأثناء ثورة من الهدوء القاتل , كعادتي هرولت مسرعة لأطفئ ذلك

الهدوء بجرعة من الإزعاج الفكري الجميل مترجóما ً بقراءة متفرقة لمجموعة من المقالات والكتب .

أثناء ذلك لفتت نظري كلمة كُتبت في ذيل احدى الصحف المتناثرة بكلö عبث , كانت الكلمة هي ” انجذاب المرايا ” !!

تمعنت النظر في تلك الكلمة وقتا ً غير يسير, فكم منا من التقى شخصا ً وتجانس معه وكأنه قد عاشره اعواما ؟؟ وكم منا من صادف

زميلا ً على مقاعد الدراسة فشاطره افكاره ونفسه حتى بات من اقرب المقربين اليه ؟؟ وكم منا من عرف صديقا ً ما في موقع ما

فاصبح يرى نفسه في ذلك الصديق ؟!!

مرايا 2

قارئي العزيز ….أتُراك يوماً صدفت شخصاً تقاسم الروح معك ؟؟!! فكأنما روحك هي روح واحدة سكنت في جسدين , فتكاد
تجزم بأنك انت هو وهو لاشك انه انت ؟!!

هي ظاهرة تحدث لنا رغم جهلنا بها كظاهرة حقيقية , فلكلò منا مرآة ينجذب إليها تلقائيا ً وبدون اية مقدمات, هناك يجد كلò منا نفسه

ويستطيع ان يراها بكل وضوح , ولا يتكلف عناء ان يشرح نفسه فانعكاس الصورة يغني عن الشرح .

فعندما يتكلم تشعر وكأنك تمارس الكلام والسمع في آنò واحد فتنفرد في زاوية الاستمتاع العميق ,

ورغم ذلك فإن اقترابك الشديد والتصاقك بتلك المرآة قد يعني اضطراب الصورة ولربما انعدامها , لذلك وجود مساحة فاصلة بينك وبين المرآة هو شرط اساسي لتحقيق الغاية منها …

على الرغم من قناعتي بأن البعد الذي تمثله الصورة عن المرآة لا يشكل الابعاد الحقيقية ابدا ً !!

قد تحتاج احيانا ان تبذل القليل من الجهد لتجد مرآتك ولربما كانت أمامك ولكن الزاوية التي تنظر منها إليها تحول دونك ودون ذلك ,

تذكر دائما ًان الجهة الخلفية من المرآة عادة ما تكون معتمة , ومن هنا فقليل من الجهد هو مطلوب منك…

فالنتيجة حتماً تستحق ..

اجمل ما تحمله تلك المرآه المتنقلة انها وان اضطربت درجة الوضوح لديها فقليل من قطرات الصدق مع مسحة من الاحتواء كفيلٌ بأن

يعيد الصورة إلى ابهى حللها .

أما ما يحزن القلب حقا ً هو ان أي انكسار لتلك المرآة هو اعلان لك باستمرار رؤيتك لذلك الانكسار ما دامت المرآة ماثلة امامك ,

وقد تتكرر الانكسارات فتنعدم الرؤية لديك تماماً .. فالحذر ..الحذر…

فكلنا مرايا , وكلنا صور ولكننا مرايا تتميز بشيء من الخصوصية, وصور تحتاج لمرايا خاصة !!.

تحية مني الى مرآتي التي ما كان لي ان اخدشها يوما ً كي اظل ارى نفسي بكل وضوح وبكل مصداقية, فكل الود لكö يا أنا .

17 تعليق »

  1. ambitious553 31 ديسمبر, 2011 في 8:00 م - Reply
  2. Hamood AlSudais 6 يناير, 2012 في 3:27 م - Reply

    مقالة رائعة كالعادة … وصدق رسول الله حينما قال ” الأرواح جنود مجندة ما تعرف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف”

  3. ambitious553 6 يناير, 2012 في 6:42 م - Reply

    بأبي هو وأمي …صدق الحبيب صلى الله عليه وسلم وما كان ليقول الا الصدق…

    ذكرتني أخي الكريم بمن هو أروع وأرقى…. فلك صادق شكري وامتناني..

  4. عونى يوسف 10 يناير, 2012 في 4:49 م - Reply

    شكرا لك اختى الكريمة

    دائما مواضيعك رائعة

  5. محبة الاسلام 11 يناير, 2012 في 7:38 م - Reply

    السلام عليكم ، مقالة رائعة فعلاً أخت عبير وأسلوبك رائع جداً، وكما قال الرسول صلي الله عليه وسلم:((المؤمن مرآة أخيه المؤمن)) ، لكن في بعض الأحيان نجد مرآتنا ونفرح لكن نكتشف بعد مدة أن الصورة التي نراها مزيفة

  6. ambitious553 11 يناير, 2012 في 11:45 م - Reply

    يسعدني أنني أرقى لمستوى ذائقتكم أخي عوني ..

    وأقدر وجودك الدائم …..فلك الشكر…

  7. ambitious553 11 يناير, 2012 في 11:59 م - Reply

    وعليكم السلام أختي العزيزة محبة الاسلام …

    صدقيني لم تكن مرآة ,ولربما كانت سطح مصقول باحترافية حتى كاد ان يكون مرآة !!

    المرآة لا تزيف الصور أبدا ً …

    حتى وإن كُسöرت تظل جاهدة في محاولة جادة منها لتظهر – ما يمكن اظهاره من – الصورة على بقاياها المتناثرة …

    أرى أن المرآة أكثر وفاءً من أن نتهمها بالزيف …

    لكö ودي ..

  8. احمد رامي 15 يناير, 2012 في 12:40 ص - Reply

    صباح الخير وشكرا على المقالة الجميلة , “ورغم ذلك فإن اقترابك الشديد والتصاقك بتلك المرآة قد يعني اضطراب الصورة ولربما انعدامها ” هل يعني هذا ان المرايا والصور لا تلتقي ابداً؟؟

  9. ambitious553 15 يناير, 2012 في 8:27 م - Reply

    ما أشقاها إذاً !!!

    لا قيمة للمرآة بدون صورة تعكسها , والصورة تفتقد الاستمتاع بجمالها بفقدانها للمرآة !! …

    أخي الفاضل ..

    هناك فرق كبير بين الالتصاق والإلتقاء …وجود مساحة بين الصورة والمرآة يحقق اللقيا وينفي الالتصاق !!

    ما اقتبسته أخي الكريم يعتبر نصاً مبتوراً لا يكتمل معناه إلى بقراءة المتمم له, والذي يجزم بأن تلك المساحة

    قد يتم اختزالها وبالتالي لا تمثل أي بعد حقيقي !!..

    آمل ان تكون الرؤية أكثر وضوحا ً ..شكرا ً لك

  10. محبة الاسلام 21 يناير, 2012 في 2:41 م - Reply

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أخي الفاضل ربما لم تكن مرآةً حقا ولكنها كانت كما قلت سطحاً مصقولاً بإحترافية لدرجة أن الرؤية إختلطت علي وظننتها مرآة…. جزاك الله خيرا

  11. M.r lab 13 مارس, 2012 في 3:56 م - Reply

    كلام كبير جدا

  12. ambitious553 16 مارس, 2012 في 12:12 ص - Reply

    أتشرف بوجودك أخي M.r lab ,,,,

    شكراً لك ..

  13. الربيع القادم 16 مارس, 2012 في 2:13 م - Reply

    مقاله شيقه ومؤثره جدا
    لاادري هل هي تعبير عن حوار النفس مع ذاتها… ام هو حوار الشخص مع الاخرين
    لاادري هل اصبح لوم الانسان نفسه على تقصيره امر صعب…. ام حوار الشخص مع غيره اصعب
    مقال مؤثر ومعبر لك مني ودي وتقديري و1

  14. ambitious553 17 مارس, 2012 في 8:09 م - Reply

    شكراً عزيزتي ( الربيع القادم)…

    هناك ( آخرين ) أبلغ وصف لهم هو انهم ( نحن)..

    بمعنى أن المقال حقيقةó لم يقصد به حديث النفس مع النفس ,وإنما مع أولائك الذين نجد أنفسنا معهم .

    من جهة أخرى فإني لا أجد حديث النفس مع النفس أمر مسلò أبدا بل هو

    غالبا ًما يميل إلى إحدى الكفتين فإما جلد الذات وإلا نفاقها ..

    فإذا كانت الجنة بنعيمها موحشة بدون صديق .. فما ظنُكö بالدنيا !!

    لكö محبتي ..

  15. الحر العربي 24 مارس, 2012 في 3:32 م - Reply

    أسعد الله ايامك عبير
    لقد اسعدتيني بهذه المقاله الجميله

  16. ambitious553 25 مارس, 2012 في 5:15 م - Reply

    آمين أخي ( الحر العربي )….

    وأنا بدوري أسأل الله لك سعادة لاتنقطع …

  17. بقايا قلب 28 يونيو, 2013 في 2:31 ص - Reply

    مقال مؤثر جدا بجد
    مس احساسى لدرجه انه ابكانى
    استحاله المراه تعكس صورتنا الداخليه التى نخفيها

اكتب رد »

Google+